فبراير ٢٣، ٢٠١٠

"أحترم هذا الرجل وأقدره"..رئيس مجلس الدولة يعيين القاضيات رغم الأغلبية الرافضة

مجلس الدولة
المستشار محمد الحسيني رئيس مجلس الدولة شخصية جديرة فعلاً بالإحترام والتقدير، فالإضافة إلى حكمه التاريخي بإلغاء إحالة الإخوان للمحاكمات العسكرية ووجوب وقوفهم أمام قاضيهم الطبيعي، قرر اليوم بعد الإنتهاء من إجتماع المجلس الخاص –أعلى سلطة إدارية بالمجلس- إستكمال إجراءات تعيين دفعتي 2008 و2009 كقاضيات بالمجلس، على الرغم من أغلبية رافضة في المجلس الخاص، بأربعة أصوات مقابل ثلاثة.

المستشار محمد الحسيني رئيس المجلس

**ملحوظة هامة: لقد قمتُ بتغطيتي لهذا اللقاء بوصفي صحفية بموقع إخوان أون لاين أتابع مصدر مجلس الدولة، وأنشره اليوم بمدونتي، وأنتظر من كل الزوار تعليقات ناضجة تخاطب عقولنا وليس إنتهاج النعرات التي تسفه من هذا القرار دون أسباب واضحة وشرعية.

كما أؤكد أني أؤيد هذا القرار واقدره جداً، لأنني أرى أن من حق المرأة أن تشغل كل المناصب بالدولة وتشارك الرجل بناء الأمة، لكنني ضد كل منظمات حقوق المرأة التي تتطاول على قضاة مجلس الدولة وتتهمهم بالتطرف والتمييز بين الرجل والمرأة والتي تتشدق بحقوقها في كافة المحافل التي تسنح لها، دون أدنى فعل أو رد فعل رأيناه عندما تم إضطهاد الطالبات والموظفات وعضوات هيئة التدريس المنتقبات بالجامعات والتعسف في حقهن ومنعهن من دخول الإمتحانات!!، لذا لا أحد ينعتني ببوق منظمات حقوق المرأة.
نعود للمؤتمر الصحفي الذي عقده الحسيني:
وصرح الحسيني (في كلام موزون وناضج يعبر عن وعي فكري كبير رغم الصراع الواضح بين أعضاء المجلس الخاص) لوسائل الإعلام في مؤتمر صحفي عقده مساء اليوم أنه رغم تضارب التصريحات لم يقل أحد من أعضاء المجلس أن المرأة غير صالحة للعمل بالقضاء، وعندما نتحدث عنها كأنها مخلوق آخر مختلف ونتحدث عن مدى صلاحيتها في تولي مناصب قضائية فإنه يٌعد إهانة لكل من المرأة والرجل على حدٍ سواء، فهذه نظرة غير طبيعية بالمرة، مشيراً أن ثلاث أرباع الطبقة الفقيرة في مصر تعول فيها المرأة أسرتها كإمرأة عاملة وناجحة، فالمجلس الأعلى للهيئات القضائية قرر تعيين المرأة في جميع الهيئات إلا مجلس الدولة والتي أثبتت نجاحها بجدارة!!
وقال الحسيني أنه أصدر القرار رقم 92 لسنة 2010 وبعد الإطلاع على الدستور والقوانين المنظمة للحقوق العامة والمواثيق الدولية وعلى موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية على تعيين المرأة بالقضاء، إضافةً إلى موافقة المجلس الخاص بالإجماع بجلستي 24 أغسطس و16 نوفمبر 2009 على تعيين قاضيات بالمجلس، بالإضافة إلى الموافقة بأغلبية أعضاء المجلس الخاص في جلسة 18 يناير 2010 على إستكمال إجراءات التعيين، وإعلاءاً لحجية قرارات المجلس الخاص التي اتخذت بالإجماع على غيرها من القرارات اللاحقة بالأغلبية، ومراعاة للصالح العام والمصالح العليا في المادة 1: "تستكمل إجراءات تعيين الخريجات من دفعتي 2008 و2009 تمهيداً للعرض على المجلس الخاص لإستصدار قرار رئيس الجمهورية بالتعيين.
ونصت المادة 2 من القرار: " على المستشار نائب رئيس مجلس الدولة والأمين العام له إتخاذ كافة ما يلزم لتنفيذ القرار ومخاطبة باقي الجهات المعنية لإعمال شئونها فيه"، والمادة 3 المشددة على الأعضاء والتي نصت على: "يحظر على جميع اعضاء مجلس الدولة الإدلاء بأية بيانات أو لقاءات صحفية بكافة وسائل الإعلام للحديث بهذا الشان تجنباً للمساءلة التأديبية".
وأوضح الحسيني جذور المشكلة أنه قد عرض تعيين المرأة في مجلس الدولة على المجلس الخاص الذين وافقوا بالإجماع على هذا القرار وتم الإعلان عنه للجميع للتقدم لشغل الوظائف القضائية، ثم تقدمت الخريجات وإشترين المظاريف وإستكملن إجراءات التعيين، ولم يكن ثَم خلاف على ذلك لذا تم السير في تنفيذ القرار، وبدأ المجلس الخاص في إجراء المقابلات التي تمت في اقل من شهر ووافق بالإجماع أيضاً على التعيين، ثم ظهرت المشكلة فجأة عندما طلب منه بعض أعضاء مجلس الدولة بعقد جمعية عمومية طارئة لرفضهم قرار تعيين قاضيات ووافق الحسيني على عقدها دون غطاء شرعي منه أو من أعضاء المجلس الخاص.
وتابع الحسيني أن الجمعية إنتهت بأغلبية كبيرة برفض تعيين القاضيات وعدم الإعتداد بما تم من إجراءات سابقة، مما عده صدمة شديدة له بصفته رئيساً لمجلس الدولة لأنه كان يأمل أن مناقشة أي قرار تتم بإحترام لهذا القرار من قِبل الأعضاء، وأن تطرح أفكاراً وتشكل لجنة لبحث الأمر ويتم تدارسها فى الأيام القادمة ، لوجود حقوق مكتسبة للدفعتين، كما كان يمكن طرح حلاً آخراً بأن يقوم المجلس بتعيين هذه دفعة من القاضيات والإنتظار 4سنوات، للوقوف على ملابسات الوضع والتأكد من نجاح التجربة من عدمه، نافياً جواز الإستفتاء على حق دستورى فهو غير جائز دستورياً، فلا يوجد حق للإستفتاء على قرار التعيين.
وإستكمل الحسيني تصريحه أن بعد ذلك إجتمع اليوم المجلس الخاص لمناقشة قرار الجمعية العمومية فى قمة الديمقراطية ومع تقديره لقرار الجمعية وقرار المجلس الخاص الذي إنتهى برفض 4 من أعضاءه لتعيين القاضيات وموافقة إثنين منهم وإمتناع عضو، إلا أنه أصدر قراره بإستكمال إجراءات التعيين، وأبدى بعض الملاحظات على هذه الأزمة والتي بسببها تتعرض مجلس الدولة لهجوم شرس وتجاوز في حقه وحق أعضاءه كما مست بكيانه وسمعته وأحكامه في أول مرة في تاريخه كله!!!، وسيظل هو ملاذ المواطنين والمظلومين ويجب إعلاء تقديره وعدم التطاول عليه.

ووصف الحسيني قرار حرمان المرأة نهائياً من التعيين بمجلس الدولة أمراً غير دستورياً، مشيراً إلى إمكانية مناقشة القرار بطرح تساؤل هل الوقت مناسب الآن لتعيين قاضيات أم لا؟ ، وهل هو ملائم في الوقت الحالي أو لا؟، لكن الحرمان التام أمر غير دستوري، وأضاف أن ما تردد مؤخراً بأن قرارات الجمعية العمومية تبطل قرارات المجلس الخاص فهذا أمر يتناقض مع قانون مجلس الدولة، وشكك أن تكون هناك أيدٍ خفية تتلاعب بالمجلس وتحدث فيه هذه الصراعات.
وحذر الحسيني مما أسماه ببعض كلمات الحق التي يراد بها باطل كعبارة: " أن كل هيئة قضائية مستقلة لها ظروفها، التي يتناسب معها قرار التعيين" والتي يتم استغلالها كهدف لوأد تعيين المرأة في القضاء، لذا يجب أن يتم تعيينها بالتوازي في كافة الهيئات القضائية ليتم تغليب ثقافة تعيين المرأة قاضية بالمجتمع، لكنه في الوقت نفسه لن يسمح وعلى جثته بحد وصفه أن يتحول مجلس الدولة كالنيابة الإدارية مرتعاً للقاضيات على حساب القضاة، بالتعيين سيكون متوازن.