أغسطس ٢٥، ٢٠٠٧

"ألم و أمل و حياة "


أن تحب فأنتَ حقاً إنسان ، ولكن أن تعشق فأنتَ قد ملكتَ الدنيا بيديك
وأن تُخدع فأهلاً بك : أنت تعيش على كوكبٍ إسمه الأرض ، و لكن أن تُخدع على يديَ من تعشق فأنتَ بالتأكيد قد بلغتَ ذُروة الجحيم دونَ أن تدري !!

عندما تحسُ أنكَ إنسانٌ مختلف .. تختلفُ عن كلِ الناس مِن حولكَ.. تختلفُ في الأفكار..
في المبادئ .. في الأخلاق .. تختلفُ حتى في قلبكَ ، أنتَ تشعرُ أنكَ مميَزٌ لأن كلَ ما فيكَ يجعلكَ مميزاً ، ثم تتنازلُ عن كلِ ما يجعلكَ مميزاً .. عن أفكارِكَ .. عن مبادئكَ وبعضٍ مِن أخلاقكَ
تفقدُ تلكَ الهالةُ المضيئة التي تحميكَ .

الأصعبُ في ذلكَ كله عندما تعلمُ أنَ مَن تنازلتَ لأجلهِ لا يُقدَر مَا تنازلتَ عنه لأجلهِ فتُدركُ أنه لا يستحق ، عندها يفقدُ كلُ ماقِيلَ وكلُ معني جميل نقاءه .. وتفقدُ أنتَ الثقةَ في هذه الدنيا وتدركُ أن الثقةَ باللهِ وحدها هي سرُ البقاء .

أنتَ تعلم أنكَ تتألم ، وأن قلبكَ قد أُجهد وفقدَ شهيتَه في أن يحي في حبٍ ، وأنه لا يريدُ أنَ يعيشَ تجاربَه أوأنَ يخوضَ معاركَه ، قد إستسلمَ لقانونِ الحياة ورفعَ رايةً بيضاءاً وشعارَ" لا"

تُحسُ أنكَ خُدعتَ – أكثر ما يؤلم نفسك أنك تُخدع – لم تتوقَع أنكَ وأنتَ أنتَ قد تقعُ فيها – في تلكَ الخدعة – ، أنتَ لا تُصدَق أنَ ذلكَ الإحساس الذي عشتَه في الحقيقةِ لم يكن حقاً ، بل إنكَ تملكُ أملاً عجيباً و تحليلاً غريباً أنَ في الأمرِ سراً وأنَ كلَ ما إكتشفتَه لم يكن سوى خِدعاً وأنَ مَن عشقتَه يستحقُ ما فعلتَه ! ولكنَ هذا كذباً .

أنتَ تعلمُ بالتأكيد أنَ اللهَ قد أنقذكَ و أنقذ روحك من أن تُكسر و أنقذ قلبك من أن يُحطم ولكن ماذا تفعل بألمكِ .. بأملكِ ؟ ، أنْ تعلم أنَ اللهَ أنقذكَ شيئاً وأنْ تُدركَ في داخلكَ هذا المعني وتُوقنُ به شيئاً آخر .. إذن بيدكَ الإجابة .

بالتأكيد تعلم أنَ اللهَ يُحبكَ – تلاحظ ذلكَ كلَ يومٍ وكلَ لحظةٍ – وبالتالي فهو يُنقذكَ مِمَا ظننتَه حباً لكَ ولكن نفسكَ تأبى بعدُ أن تفهم .. أن تُدركَ أنَ كلَ ذلكَ لمصلحتكَ ، سيأخذُ ذلكَ منكَ وقتاً طويلاً لتزرعَ ذلك في أرضِ نفسكَ و تُوطِنَهُ فيها ليَنبتَ إدراككَ أنَ رغمَ كلَ الألم وكلَ المعاناة هناكَ حبٌ .. هناكَ حريةٌ .. هناكَ أملٌ إسمهُ الحياة .

9/7/2007

" ح . ب .. حُبْ "





" الحب " آه من الحب .. كلمةٍ فيها السحر كله .. وفيها الغموض كله .. وبها الحل كله، لطالما أقامت و أقعدت عباد
و أحيت و أفنت بلاد .. فهي السحر كله ،
وطالما بُعثت رحلات للإستكشاف فحُوصرالنهار وأُسر الليل كله .. فهي الغموض كله ، وطالما كان السؤال العسير و كان الجواب المثير هي : الحل كله .

آه .. ما أعذب تلك الكلمة ، و ماأرَق حَرفَيها ، ما قيلت تلك الكلمة إلاَ وإنسابت في الأذن بنعومة ، وأثارت في النفس مشاعر عفيفة نقية حنونة ، وإحتضنها القلب الخافق فإزداد خفقانه رقةً و بهجةً و فتوناً .

رنينهما المحبب إلى النفس .. حين تخرج " الحاء " من الحلق تداعب اللسان في طريقها إلى الإلتحام مع " الباء " والشفتين : " حُبْ " .. ثم يتنفسا الحياة فيكون رنينهما محببٌ إلى النفس .

كلمةٌ وقع الكل فيها .. إما في غرامها أو في خداعها أو في عذابها ، كلمةٌ قوية متسلطة .. متطلبة .. متملكة .. متفوقة .. متحررة : " حُبْ " .. حدودها أن لا حدود لها .

كلمةٌ تترجمها الحالة فينا
فربما اليوم هي حنانٌ و بهاء .. أو حريةٌ و بريق
وغداً هي حيرةٌ و بكاء .. أو حريقٌ و بقاء و بعد غد هي ...
و لكنها دائماً هي حياةٌ و بناء .

حبٌ : هي تلك الحالة التي فيها خفقاتُ قلبكَ تضربُ صدرك بعنف ، تضربُ أذنيك
بعنف ، تضربُ عقلك بعنف .. خفقات قلبك تدفعك إلى الجنون فلا تستطيع أن
تسكتها فتلفظ أنت الحياة أو تترك جسدك فتلفظ أنت أيضاً الحياة .

حبٌ : هي تلك الحالة التي تتسارع فيها أنفاسكَ فخفقاتُ قلبكَ هي سببُ ذلك كله لأنها
تتزايد لحظةً بعد لحظةً فتظن أنكَ خرجتَ من نطاقِِ ما حولك و ستفقد وعيك
وتفارق الحياة .

حبٌ : هي تلك الحالة التي يرغبُ فيها قلبكَ أن يكسرَ قضبانَ صدركَ لينطلق حراً
خارج جسدك لأن جسدك أصبح دنيا ضيقةً لا تسع خفقاته .. لا تسع ثوراته
هو يريد أن يخرج و لا يعرف أن خروجه قد يُودي بحياته .

حبٌ : هي تلك الحالة التي تجعلك تعانق السماء من فرط السعادة التي تجعل قلبك
يخفق بعنف .. فأنت مستعد لبلوغ أقصى الأرض أو بلوغ عنان السماء لأجلها
لأجل السعادة ، أنت تدرك أنك تحيا بها .

حبٌ : هي تلك الحالة التي تمتلك فيها الحرية من الألم و الحزن ، هي أن تتحرر فيها
من الواقع لتصنع خيالاً تحيا فيه في سعادة ، هي أن تتحرر من الدنيا
.
حبٌ : هي تلك الحالة التي تشعر فيها بحريق أربعة أحرف – غ.ي.ر.ة – يدفعك دفعاً
لا لتطفئه و لكن لتزيده نفسك إشتعالاً و ينفث فيه شيطانك فيصبح بركاناً .

حبٌ : هي تلك الحالة من الألم العذب حين يعتصر بيديه قلبك فينسحق جسدك لا لشئٍ
إلاَ أنه فقد الرغبة في السعادة .. في الجنون .. في الحرية .. في الغيرة .. لقد
فقد الرغبة في الحياة .

حبٌ : لن يكون إلاَ كل ما فات و كل مانصنعه في الحياة ، لن يكون إلاَ بناءٌ و حياة .


لا أتكلم عن حبٍ واحدٍ أبدي .. عن حبِ إنسانٍ أبدي .. عن العشق الأبدي أوالأزلي ،
لا أتكلم عن حب الذات .. عن الفردية والأنا والكبرياء
إنما أتكلم عن الحبِ الشاملِ الأبدي :

عن حب الله
وفي اللــه

عن حب الدعوة
والإنعتاق في أحشائها

عن حب الإنسان
و الوله و العشق

عن حب الأشياء
والعشرة والتملك

عن حب الأرض..الوطن
والإنتماء والتضحية والإستشهاد


19/5/2007