أغسطس ٢٣، ٢٠١١

هنا سفارة العدو... ستزول!

هنا سفارة العدو... ستزول!

تظاهرات في مصر ضد الاحتلال الاسرائيلي من جديد

هند محسنالجزيرة توكالقاهرة
القارئ للمشهد المصري بعد اعتداء الكيان الصهيوني السافر على الحدود المصرية واستشهاد 3 من الجنود؛ فإنه يرى ما قدّ جدّ وتغير في الخطاب السياسي مع العدو، والذي كان منذ عهدٍ قريب صديق وشقيق.
فبعد الثورة المصرية المباركة عاد صوت مصر شديد اللهجة مع الكيان الصهيوني بعدما أخرسه النظام البائد برئيسه المخلوع عقوداً، وبعد ما تهاون في حق 1200 جندي تم قنصهم من قِبل العدو ودفنهم سراً دون أن يحرك ساكناً أو يبدي إعتراضاً تمثيلياً !
إلا أن ما يكيده الكيان الصهيوني ارتد إلى نحره، ورسم حتفه بيديه وبأيدينا، وأظهر بسالة الشعب المصري وصقل من جديد مدى كرهه للعدو الغاصب، هبّ الشعب منتفضاً لاستشهاد جنوده غدراً، وحاصر سفارة العدو بألاف من خيرة شبابه الواعد (بعضه مُسيّس والأخر من الكتلة الصامتة كما يصفونها وهذا ما أصبغ على التظاهرة زخماً حميمياً) يهتف لساعات وساعات منذ صلاة الجمعة التاسع عشر من أغسطس\آب وحتى كتابة التقرير.

بقوة غاضب وهدير راعد: "بينا وبينهم دم وتار... إسرائيل هتولع نار"، "أول مطلب للجماهير... غلق سفارة وطرد سفير"، "يلا يا جيشنا حرر سينا... إسرائيل بتمّوت فينالن يترك مكانه حتى تنفيذ مطلبه، أصبح قوة ضغط هائلة تستمد عنفوانها من ثورة 25 يناير، فلم نمت مئاتاً أمام آلة الداخلية الوحشية حتى نسكت أمام آلة الصهيونية السادية !
ثم نلحظ التغيير الطارئ في لهجة البيان الحكومي الذي أصدره مجلس الوزراء المصري، فالبيان نوعاً ما يتسم بلهجة شديدة لم يعهدها الكيان الصهيوني من حليفه المتاخم له في الحدود المُآزر له في الحروب، كما أنه يقلًد بعد خطوات تركيا السياسية تجاه العدو الصهيوني فطالب باعتذار رسمي منه على استشهاد الجنود المصريين، وفتح تحقيق واسع مشترك حول هذه الجريمة، الأمر الذي جعل المتحدث باسم جيش الإحتلال الصهيوني يكتب على تويتر الخاص به أنهم بالفعل فتحوا تحقيقاً في ذلك وأنه كان خطأ قتل الجنود المصريين مبرراً في ضعف ملاحقتهم لعناصر تخريبية بحد زعمه –وتكفي تغير اللهجة الحوارية وتذللها لمصر.

ويلي ذلك بعد ساعة مباشرةً من استدعاء سفير العدو من قِبل وزير الخارجية المصرية لإبلاغه ببيان مجلس الوزراء وبرفض مصر مقتل جنودها وطلب الاعتذار الرسمي، حدث في الكواليس ما استدعى بعده مباشرةً اصدار بيان آخر من اللجنة الوزارية بسحب السفير المصري لدى كيان الإحتلال لحين الإعتذار الرسمي والإنتهاء من التحقيقات ودعم القوات المصرية في سيناء للرد على أي اعتداء، ما يجعلنا نؤكد أن مصر لم تعد تلك القديمة الذليلة بل تأسدّت ليُسمع زئيرها القاصي والداني من جديد، ويفتخر شعب مصر بمصريته.
البعض يرى أن تلك خطوات سياسية سليمة متأنية تصاعدية تجعل من الحكومة المصرية تمسك بعدة أوراق في يديها تلوح بالتهديد بها، كطرد السفير الصهيوني وقطع الغاز عن العدو، وإلغاء معاهدة كامب ديفيد، والبعض الآخر يحمل في دمه ثورة مصر فيطالب بكل ذلك دفعةً واحدة دون انتظار –حيث أننا أنتظرنا 30 عاماً ويزيد- ويرى أن الحكومة المصرية جاء ردها هزيل لا يختلف عن مواقف النظام البائد.
البعض يرى أن تُفتح الحدود ويحارب الشعب فلا يحرر سيناء فقط بل فلسطين والمسجد الأقصى ويبيد كيان العدو، والبعض يرى أن البلاد لا تحتمل حروباً أو خسائر بشرية فيكفينا ما خسرنا في الثورة المصرية.
إلا أن الكل متفق أن المجلس العسكري الحاكم مؤقتاً لمصر لم ينبسّ ببنت شفة، وكما المثل القائل: "لا حس ولا خبر"، ولم يصدر بيانه المنتظر منذ أكثر من يومين والذي يحمل –قدراً- رقم 73 بالتماشي مع حرب 73 المجيدة التي حققت فيه مصر نصراً أصابته الثغرة في مقتل، لم نره يعلن موقفاً صريحاً من الكيان الغاصب يليق بالجيش المصري الباسل، وهذا يفتح علامات الإستفهام على مصراعيها ويترك الجواب فارغاً !
على الهامش: قبل يومين كنت أناقش مع أمي ماذا إذا قام الكيان الصهيوني بقتل بعض أفراده عمداً حتى تستفيد جميع الأطراف، في الأصل خسارته ضئيلة 7 أفرادٍ فقط والغاية تبرر الوسيلة إلا أن مكاسبه تفوق الخيال، فهو من ناحية سيشغل الرأي العام عنده بهذه العملية حتى يفض شبابه اعتصامه ولا تخرج مظاهرات منددة بسياسته، ومن ناحية يبرر زيادة ضرائبه للصرف على جيش الإحتلال حتى يدافع عن كيانه بل ربما يرفع زيادة الضرائب وفي النهاية سيرضى شعبه تحصيلها، ومن ناحية أخرى يعطي مبرراً للمجلس العسكري أن يمد في حكمه لمصر نظراً لعدم استقرار البلد ومناوشات العدو على الحدود فيململ وحدة الشعب خلفه ويخبرهم أن مصلحته في حكمه له، وفي نهاية الأمر سيصب ذلك في مصلحة الكيان الغاصب الذي لن يرضى أبداً باستقرار حقيقي ديموقراطي مدني في مصر، لكن إذا ماعرف شعبه بما صنع فستصبح فضيحة كفضيحة "ووترجيت" وينقلب عليه شعبه ويجعل الله كيدهم في نحورهم.

أغسطس ١٩، ٢٠١١

عم "حلمي":الشيخ الذي أيقظ حيّه

عم "حلمي":الشيخ الذي أيقظ حيّه

تمنيات ثورية

تأملتُ في صوته العديد من اللحظات حين استرعى انتباهي، ورسمت في مخيلتي صورته وأنا أتدثر ظلام غرفتي، رجلٌ سبعينيّ، جلباب فضفاض يستر جسده وعمامة تتوج هامته، وقد حفرت التجاعيد خارطة الصعيد بتفصيلاته في كل شبرٍ من وجهه ورقبته وصوته، لم أعرف اسمه!

لم يحالفني حظي كثيراً أن أراه، أو أرقب وصوله شارعنا حتى من نافذة غرفتي، فإما مرّ سريعاً ولم ألحقه، أو كانت شوارع حيّنا القاهري مفعمة بالظلمة كأغلب وقتها، أو أني تكاسلتُ لكتابٍ بيدي أو فعلٍ أقوم به، لكنه في كل مرة يصيبني صوته بالدهشة والإرتباك، فشيخٌ كبير مثله يستيقظ كل يوم قرابة صلاة الفجر، يأتي من بيته البعيد البعيد، أسمع انبعاثات صوته يردد ذات النداء يأتي من العدم، يمر بجميع الشوارع التي تصادفه، والتي باتت تعرف خطواته، يسبقها صوته الداعي، ومروراً بشارعنا ثم يعبره للشوارع الأخرى إلى المسجد البعيد حيث يصلي، لماذا يتكبد عناء النداء؟ الكل نيام لا أحد يُلبيّ اللهم إلا القلة من رجالات حيّناً، لربما أملٌ في أن تستيقظ أمة أو أن يتغير حال أو فعل يكون معذرةً إلى الله.
سنحت لي فرصة بقدر الله تعالى أن أراه وهو يصدح ويكرر: "الصلاة خير من النوم".."إصح يا نايموقفتُ في النافذة أنتظره حتى لاح من بعيد، شيخٌ سبعينيّ، جلباب فضفاض يستر جسده وعمامة تتوج هامته، وقد حفرت التجاعيد خارطة الصعيد بتفصيلاته في كل شبرٍ من وجهه ورقبته وصوته، وسمعتُ مَن يناديه:"عم حلمي.. إستنى هاجي أصلّي معاك".
بعد ثورة 25 يناير المباركة أستمتع أكثر حين أسمع صوته ذو اللكنة الصعيدية ينادي، وأشاهد الكثير من شباب الحي ورجاله يذهبون إلى صلاة الفجر في المساجد –ومنهم مَن يستيقظ ليصليها في بيته الكائن في أحد الشوارع التي يمر بها عم حلمي لكنه في النهاية استيقظ ولبىّ- أرى أنه حقق هدفه وإن لم يكتمل، غيّر في الناس وأعذر إلى الله وأيقظ حيه إلى الصلاة.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل إذا قضى عم حلمي، سنجد شباباً يقومون بفعله أم لا؟
تمنيات ثورية..


كل عامٍ وأنتم ثائرون

كل عامٍ وأنتم ثائرون

رمضان بنكهات الثورة..استمتعوا

هند محسن – الجزيرة توك - القاهرة
شهر رمضان الكريم ... يأتي هذا العام مختلفاً سيُخلَّد في ذاكرة التاريخ وذكرياته، مُحمَلاً بالنكهات العديدة التي لا نشبع منها أبداً، فمنذ عقود وعقود ورمضان بنكهة واحدة تلك التي نتذوقها بعبادة التذلل إلى الله أن يغير أوضاع أمتنا وأن يهبنا أوطاناً قائدة، لكن عامنا هذا كسر القاعدة المُتَبَعة وأتى لنا بنكهات لذيذة -نذوقها مع تعبدنا- حرمتنا منها أنظمة مستبدة غيرت في فمنا كل طعمٍ للحياة ومنحتنا تناقضات طعوم أخرى.
نكـهـات
وثوراتنا العربية صبغت رمضاننا هذا بألوان عدة وأضفت عليه نكهات جديدة:
فنكهة الحرية ذات المذاق الأخاّذ أساس الحياة عندما تتذوقها مرة فإنك تدمنها للذة حلاوتها، هي تستحوذ على كيانك، لامجال للإستغناء هنا، قد يكون الحصول عليها صعباً...هي صنف غير متوفر يندر وجوده، لكنك ما إن تحصل عليها تخلب لبك من أول إحساس وتتسرب داخلك، تعلم أن طعمها ليس بغريب عليك بل هو من مكونات جسدك خلقه الله تعالى فيك قبل أن يخلقك، وتتذكر مقولة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً".
أما نكهة العدالة فمذاقها مختلف، مالح بعض الشيء حيث الشعب في حرقةٍ بالغة ينتظر محاكمة مَن قتلوا شبابه وسلبوا بلاده وأدموا أفراده، مذاق به مرارة وغصة تخنق قلبه وروحه لسيرها البطيئ والمماطلة فيها، وحتى وإن تم إنجازها فلن تعيد مَن ذهبوا إلى السماء.
نكهة الشرعية التي تشبه نكهة الفانيليا عندما تضيفها للأطعمة لا تغيرها بل تضيف طعماً ثالثاً لها تزيدنا استمتاعاً في كل مرة، شرعية الشعوب التي استعادتها بعدما سُرقت منها منذ أكثر من 60 عاماً، تلك الحرة التي تقرر وتختار وتعزل وتُولي وتحدد مصير أمة.
وللعزة نكهة لا يُخطئها أحد تلك التي تمنحك العنفوان والطاقة ونشاط هائل تستعيضها بعد ذلٍ كسانا عقوداً نكسنا فيها رءوسنا خضوعاً، هذه النكهة تُنقّي دمك وتُقّوي جسدك..تمنحك صلابةً وانتصاباً لا تحني بعده رأسك .. أو تُخضع جسدك .. أو تكسر روحك.
ونكهة الإنتصار تحوذها بعد مجهودٍ مضنٍ، فهي فاكهة النكهات، يُسعدك تشممها .. تذوقها .. تَشبُّعها فيك، تُشبِعك سعادةً لا مثيل لها، فليس إحساسك فقط ما يتذوقها بل قلبك أيضاً، تمنحك بهجة تستمر كل العمر، لا طائل ممَن يحاول نزعها منك أو إبدالها لك أو سحقها فيك.
لم تتبقى من النكهات سوا أغلاها قدراً هي "حبٌ حقيقيٌ للوطن" لا يستشعر تذوق هذه النكهة مَن لا يفقه في الأوطان حباً، فتلك النكهة لا غناً عنها، بدونها لا تكتمل نكهات ثورتك، ولا تنجح إرداتك ولا تعلو هامتك ولا يرضى عنك إلهك، نكهة حب الوطن ليس في حلاوتها طعم منافس ولا في انسيابها داخلك سهولة مثيلة، ولا في خفتها على الروح وهدهداتها أي مقارن، لكنك لا يُفترض أن تعيش دونها وإن عشت تكون حياً ميتاً.

لم أتخيل حتى الآن
لم أتخيل يوماً –لا أزال أردد تلك العبارة في كل مَحفل وسأظل- أننا سنتذوق تلك النكهات .. أننا سنقوم بثورة دبرها الله وقدرها لكنا لم نعلم عنها شيئاً، دعونا الله..نعم، وعملنا كثيراً وسنيناً..بلى، لكننا لم نعلم أنه قريب..نصر الله لنا، ظننا أن الوقت لا يزال أمامنا رتيباً بارداً طويلاً وأننا لن نغير ما بنا حتى نغير ما بأنفسنا، لكن الله كان أعلم بأننا غيرنا ما بأنفسنا فوهبنا ثوراتنا واَرجع لنا نكهاتها التي نسينا.
أتذكر أنني دعوت الله كثيراً رمضان الماضي عام 2010 أن يصلح هذه الأمة وأن يجعل مصر تستعيد مكانتها القائدة بين الأمم، وأن نكون نحن شبابها وقود هذا التغيير ولا يأتي الشهر الكريم القادم إلا ونحن قد قمنا بذلك، بكيت كثيراً وقتها واليوم أبكي لأن الله حقق لنا حلمنا الذي انتظرنا.
شكراً إلهي..ثوراتنا مستمرة.
اشهد يازمن الأحرار
أُهدي لجميع الأحرار أغنية بندر محمد "اشهد يازمن الأحرار":
اشهد يادمنا المتأجح اشهد
عربيٌ ثار وهاهو يتجدد
اشهد يازمن الأحرار وأعلن
أنّا شعبٌ أبداً لا يُستعبد..اشهد
جلجل ياصوت الحرية فينا
واملأنا في عتم الليل يقيناً
يادمنا النازف عزاً وقلوبا
رفرف أعلاماً فوق روابينا
أقبل ياشعبي المغوار الثائر
لا تخشى ظلم الطغيان الجائر
بالقلب الباسل وبروح الثائر
الحق سلاحٌ في وجه الغادر
يازمن الأحرار .. اشهد

 

هكذا كُنَّ الفتيات والنساء العربيات وسيَظَللنَ!



هكذا كُنَّ الفتيات والنساء العربيات وسيَظَللنَ!

هند محسن - الجزيرة توك - مصر
هذا الفيديو يتضمن مشهداً للناشطة تهاني أمبارك المحامية، وإحدى الأعضاء المفوضين من قِبل المجلس الوطني الاتنقالي الليبي وهي ترفع اللافتات المناهضة للجزار معمر القذافي - والتي شرفتُ بمقابلتها في القاهرة ضمن وفد يضم عدداً من شباب الثوار- تهاني كانت تعلن معارضتها للقذافي من فوق سطح إحدى السيارات وسط عدد كبير من متظاهري بنغازي، هذا بالإضافة إلى ظهور قناصة الجزار من فوق أسطح بعض العمارات كما يظهر في الفيديو.
تهاني هذه الفتاة الليبية أظهرت جرأة وشجاعة نادرة، فلم تخف من الموت الذي يهبه القذافي لشعبه، كنا نظنها وُئدت جميعها في نساء العرب دون نساء فلسطين، لكن ثورات الشعوب العربية أظهرت لنا المرأة العربية على حقيقتها التي دفنتها سنوات الديكتاتورية الضاربة جذورها فينا.
المرأة كانت في تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين وقود الثوار والثورة، هي وقود يشعل حماس الشباب والرجال الثائرين عندما تحثه على النضال من أجل الحرية وعندما يراها في ساحة النضال معه، هي أيضاً وقود تشعل الثورة بذاتها عندما تناضل كتفاً بكتف مع الرجل من أجل حرية وطنها بكل وسائلها المتاحة وهي كُثر، لم يتخيل العالم أن تصمد المرأة العربية الثائرة عشرات الأيام القاحلة في ساحات هذه الثورات المتفجرة، فما بالكم أن تناضل في هذه الساحات وتنتصر أيضاً، لا تخشى النضال والكفاح أن يدفن جمالها الأنثوي، كما لا تخشى الموت يقتل زهرة عمرها التي لم تبدأها بعد.
 

تهاني شكراً لكِ... فقد أثبتِ مجدداً أن المرأة العربية مناضلة أبية يخاف الموت منها..
وعلّمتِ العالم مجدداً كيف تـُحترم النساء العربيات لنضالهن وليس لأجسادهن..
وغرستِ مرة أخرى في وجدان الدنيا معنى حب الأوطان

ائتلافانXواحد

ائتلافانXواحد 

عندما يتلاحم شباب ثورتي مصر وليبيا

هند محسنالجزيرة توك مصر"لا حدود" بين مصر وليبيا... فقد أسقطتها الثورتان، واندمج ثوار البلدين يستمدان القوة والإرادة من بعضهما، يُعلم كلٌ الآخر معنى الصمود وتحدي الطغيان واستولاد الحرية حتى أخر نفس ينبض.
الدعم
هكذا كان شباب ائتلاف ثورة 25 يناير المصري الذي غير خارطة الشرق الأوسط الكسير وبذر معاني الوحدة والوطنية والنهوض، لم يتخلى عن شقيقه ائتلاف ثورة 17 فبراير الليبي، كان داعماً بكل الوسائل الممكنة والمتاحة، فحال تَمْكُّن بعض شباب المجلس المحلي بمدينة بنغازي المفوض من قِبل المجلس الوطني الانتقالي من دخول مصر، استقبلهم شباب الثورة المصرية مرحبين محتضنين، ونظموا لهم وقفة احتجاجية أمام جامعة الدول العربية -والتي وقف علمها على استحياءٍ أمام وحدة علمي مصر وليبيا-، وذلك بالتزامن مع انعقاد مؤتمر وزراء الخارجية العرب –الذي استمر لساعات طويلة حتى أصدر قراره بالموافقة لمجلس الأمن من وضع حظر جوي على ليبيا-فكان كالجبل الذي تمخَّضَ فولد فأراً.

تضامن بكل الوسائل
لم تكن الوقفة لليبيين فقط المقيمين بمصر، إنها شملت المصريين وأعضاء من ائتلاف الثورة وبعض النشطاء، كما هتف المصريون جنباً إلى جنب مع أشقائهم الليبين، بل قادوا الهتاف الغاضب ضد الرئيس الليبي.

لم يكتفِ شباب ثورة 25 يناير بذلك فقط، بل نظموا عدة لقاءات لأشقائهم شباب ثورة 17 فبراير الليبية، فبعد لقائهم بعمرو موسى أمين جامعة الدول العربية السابق –والذي بالمناسبة لم يسفر عن شيء سوى تلميع واجهته السياسية التي خسرها مؤخراً استعداداً للإنتخابات الرئاسية-، كان لقاء السفير الألماني بالقاهرة الذي أكد أن بلده تدعم الثورة الليبية ولكن عليهم تحديد مطالبهم لتكون أكثر وضوحاً، ثم كان موعدهم الإعلامي مع الجزيرة مباشر بمصر، الذي أكدت فيه تهاني أمبارك أحد أعضاء المجلس المحلي على وجوب رحيل السفاح القذافي وأن ليبيا عن بكرة أبيها لا تريده، في حين قال شباب المجلس أحمد الشريف موجهاً كلامه للقذافي: "من منبر الجزيرة أقولك لتظل يا قذافي في وكرك، نحن قادمون لقتلك".

لم ينتهي جدول أعمال التضامن لثوار ليبيا الأحرار عند هذا الحد كما أخبرنا عبد الرحمن فارس الناشط السياسي المستقل وعضو ائتلاف ثورة 25 يناير المصرية قائلاً: "إن ما نقوم به ونقدمه من تضامن ومساندة من لأشقائنا ثوار ليبيا ماهو إلا واجب وطني لإيصال صوتهم للعالم أجمع عبر مصر ومن داخلها، لكننا لا نُملي عليهم شيء ولا نتدخل في الشأن الداخلي الليبي".

مضيفاً –فارس-: "أنهم نظموا أيضاً لقاءات لهم مع السفير التركي والإتحاد الأوروبي وربما مع نائب السفيرة الأمريكية، وكذلك مع قناتي الحرة والبي بي سي، مع استمرار الوقفات الاحتجاجية".
أخلاقيات الثورة المصرية
أخلاقيات الثورة المصرية مازالت تُظهر لنا جوانب أخرى كل مرة في ثوار الشعب المصري عندما يكونوا على المِحك، فبعدما أظهرت أجمل ما فينا تجاه الوطن "مصر"، فإنها تصنع لدينا جانباً مضيئاً يزداد أخويةً تجاه الوطن العربي ككل..دُمتم ثوار مصر.