أغسطس ١٩، ٢٠١١

المكاسب الخمسة من تركيا إلى مصر

المكاسب الخمسة من تركيا إلى مصر

من واقع لقاء الرئيس التركي بشباب الثورة المصرية

هند محسن – الجزيرة توك – مصر
كان لقاءً فوق العادة -ربما يكون بالنسبة لي فقط أو للبعض من الشباب-، فلقاء الرئيس التركي "عبد الله جول" بشباب ثورة التحرير مساء أمس في بيت السفير التركي بمصر جاء غير عادياً ولأول مرة فلم يأتِ إلى مصر رئيس دولة بعد الثورة المجيدة ليقدم تهانيه الحارة لنجاح الثورة، كما أن اللقاء غلّفه التواضع والإحترام والإعتزاز والفخر والإكبار الجليل المتبادل، فالرئيس لم تحطه حاشيته أو حرسه أو خدمه كما هو معتاد في أنظمة الفساد العربية، إضافةً إلى أن كل المسئولين تعاملوا مع الشباب بإحترام مَن له اليد العليا والفضل الكبير.

الأول
اللقاء الذي استمر قُرابة الساعة على طاولة مستطيلة مع الرئيس التركي ذي الوجه البشوش حصد مكاسب هامة، على رأسها المكسب الأول: الإلغاء الفوري لتأشيرات سفر المصريين إلى تركيا ويبقى إلغاءها من الجانب المصري، وتم الأمر بصورة رفيعة المستوى من الأخلاق والذوق المهذب واحترام رغبة الشباب، حيث اقترح إسلام لطفي عضو ائتلاف الثورة مدى إمكانية إلغاء تأشيرات السفر بين البلدين (مصر-تركيا) على اعتبار مايجمعهما من علاقات ثقافية وحضارية منذ زمن بعيد، فما كان من الرئيس التركي "جول" أن مال على وزير خارجيته "أحمد داوود أوغلو" يناقشه بصوتٍ مرتفع في مدى إمكانية ذلك، فجاءت إجابة "أوغلو" في إبتسامة عريضة: لقد ألغينا بالفعل تأشيرات السفر للمصريين المسافرين إلى تركيا وباستطاعتهم دخول تركيا دونها ويبقى أن يقوم الجانب المصري بإلغائها..وضجت القاعة بالتصفيق.
الثاني
المكسب الثاني الذي تعهد به الرئيس التركي أن يكون هناك تعاون إقتصادي واستثماري يخدم الشعبين، عن طريق إقامة مشروعات كبرى بمصر تعلو باقتصادها للقمة، هذا إلى جانب التعاون العسكري التركي مع الجيش المصري الذي عرضه على المجلس العسكري الذي التقاه صباح أمس ليكون بديلاً عن التعاون العسكري التركي مع الكيان الصهيوني.
الثالث
المكسب الثالث عندما أعلن الرئيس التركي "جول": عن تأسيس لجنة مشتركة لدعم الحركة السياحية المصرية التركية قائلاً: "لا يجب أن تتضرر الحركة السياحية المصرية في هذه الفترة" –يقصد الثورة-، مشيراً إلى أن مدينة أنطاليا بتركيا ذات الـ 10 ملايين سائحاً سنوياً ستقوم بإعداد برنامجاً سياحياً لهم لزيارة عدة مدن مصرية وذلك من باب تجديد المشهد السياحي لهم، وفي ذات الوقت دعم الحركة السياحية المصرية.
الرابع
وجاء المكسب الرابع بعدما صرح الرئيس التركي عن الترتيب خلال أسبوعين من الآن لسفر شباب الثورة أعضاء الإئتلاف أو المستقلين منهم إلى تركيا لمزيد من نقل خبرات الثورات والحياة الديموقراطية، وللقاء الشباب التركي وعقد لقاءات موسعة مع أعضاء حزب العدالة والتنمية، وغيرها من الندوات والمؤتمرات السياسية والثقافية والإقتصادية التنموية.
الخامس المؤثر
إلا أن المكسب الخامس الذي قدمه الرئيس التركي ترك لدى كلٍ منا لمسة عزيزةٍ لدينا في تأكيدات عملية على تقديرنا واحترامنا من قِبل رئيس دولة بحجم وثِقل تركيا، ودرس نتعلمه مدى الحياة في تقديرنا للآخرين مهما كانت أعمارهم أو أفكارهم أو اختلافنا معهم إلى أي مدى، فأثناء حديثنا مع "جول" وتحديداً الساعة 6.10 مساء أمس حضر "عمرو موسى" أمين جامعة الدول العربية السابق للقاءه أيضاً، فما كان من "جول" أن بقى مكانه -لم يقف حتى أثناء دخول موسى- فاستقبله فقط السفير التركي ووزير الخارجية "أوغلو" وتركاه ينتظر موعده في مقر الزوار في حين استمر "جول" يكمل حديثه معنا، في صورةٍ من الإحترام والتقدير لشباب الثورة الذين جسدوا كرامة مصر كما وصفهم في كلمات ترحيبه.
هم مَن جسد كرامة مصر
"عبد الله جول" أكد أكثر من مرة أنه يفتخر بشباب مصر مَن قام بالثورة وقدم الغالي في سبيل الوطن، بل ويعتز بهم كثيراً وبما قدموه فيها ووجب عليه هو مَن يُصفّق لهم لا أن يُصفّقوا له هم، وينقل لهم تحية شباب تركيا، كما طلب نقل تحياته لباقي شباب مصر، قائلاً: "لقد ذكرتمونا بما كنا نقوم به في شبابنا من نشاطات سياسية واجهنا خلالها ظلماً واعتقالات فنحن نشعر بما كنتم تعانونه جيداً، ففي عام 1980 أثناء الإنقلاب العسكري، كنت لتوي قد تزوجت قبل أسبوع من اشتعال الأحداث، وأمضيت شهر عسلي في المعتقل".
"جول" شدد على أن تركيا من أول الدول التي سعدت بالثورة المصرية وشجعتها كثيراً، وشباب مصر يُشكلون مستقبلها، فهم مَن أوقدوا نيران هذه الثورة وجميع الشعوب تقتدي بكم، وأنه على تأكد تام أنها ستأتي بنتائجها المرجوة، فبالعدالة والشفافية والنزاهة ستحققون دولة قوية، مُؤكداً على أن هذه الثورة كانت إنتفاضة لإستعادة الكرامة وليست انتفاضة اقتصادية فقط، قد حققتم من خلالها شيئاً جديداً من خلال استغلالكم لوسائل الاتصالات في تحريك ثورتكم، وبالتالي فليس باستطاعة أياً من الكيان الصهيوني أو أمريكا أن تُسدل الظلم على ثورتهم، لذا عليهم الحفاظ عليها والإلتزام بتحقيق مطالبها، لكن عليهم في الوقت ذاته أن يتحلوا بالصبر وأن يتركوا فرصة للمجلس العسكري أن يقوم بدوره المُخول به من قِبل الشعب، في تكوين حكومة انتقالية تقوم بالأعمال.
سيادة الرئيس هناك خطأ
ملحوظة هامة: سيادة الرئيس أحب أن أشير إلى نقطة هامة، حيث أن هناك معلومة خاطئة وصلت إليكم، تكمن عندما حصرتم أسماء أهم المشاركين الفاعلين للثورة الحاشدين لها في شخصين فقط!، على الرغم من أن دورهما لم يكن فيها كبير وهناك آخرين فاعلين أعدوا لها منذ عام 2005 و2008 كان الأَولى أن تُذكر أسماءهم ليس تملقاً أو إعلاءاً لهم بقدر ما هو تقديراً حقيقاً لجهودهم التي قاموا بها -على الرغم من عدم انتظارهم لهذا التقدير-.
حضر اللقاء من شباب ائتلاف الثورة: "عبد الرحمن فارس، ومحمد القصاص، وأحمد ماهر، وإسلام لطفي، وعبد الرحمن سمير، ومحمد عثمان، وزياد العليمي، ومعاذ عبد الكريم، وعمرو عز، وباسم فتحي، وباسم كامل"، كما حضر بعض شباب الثورة المستقلين "كإسراء عبد الفتاح، وإبراهيم الهضيبي وغيرهما..."، في حين حضر من الجانب التركي المستشار الإعلامي بالسفارة محسن أوزكان، ومدير المركز الثقافي التركي بمصر سليمان سيزير، والدكتور في اللغة العربية يوسف دوغان، وباحثة أكاديمية أمينة ترك يلمظ.
 

ليست هناك تعليقات: