أغسطس ١٩، ٢٠١١

كل عامٍ وأنتم ثائرون

كل عامٍ وأنتم ثائرون

رمضان بنكهات الثورة..استمتعوا

هند محسن – الجزيرة توك - القاهرة
شهر رمضان الكريم ... يأتي هذا العام مختلفاً سيُخلَّد في ذاكرة التاريخ وذكرياته، مُحمَلاً بالنكهات العديدة التي لا نشبع منها أبداً، فمنذ عقود وعقود ورمضان بنكهة واحدة تلك التي نتذوقها بعبادة التذلل إلى الله أن يغير أوضاع أمتنا وأن يهبنا أوطاناً قائدة، لكن عامنا هذا كسر القاعدة المُتَبَعة وأتى لنا بنكهات لذيذة -نذوقها مع تعبدنا- حرمتنا منها أنظمة مستبدة غيرت في فمنا كل طعمٍ للحياة ومنحتنا تناقضات طعوم أخرى.
نكـهـات
وثوراتنا العربية صبغت رمضاننا هذا بألوان عدة وأضفت عليه نكهات جديدة:
فنكهة الحرية ذات المذاق الأخاّذ أساس الحياة عندما تتذوقها مرة فإنك تدمنها للذة حلاوتها، هي تستحوذ على كيانك، لامجال للإستغناء هنا، قد يكون الحصول عليها صعباً...هي صنف غير متوفر يندر وجوده، لكنك ما إن تحصل عليها تخلب لبك من أول إحساس وتتسرب داخلك، تعلم أن طعمها ليس بغريب عليك بل هو من مكونات جسدك خلقه الله تعالى فيك قبل أن يخلقك، وتتذكر مقولة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً".
أما نكهة العدالة فمذاقها مختلف، مالح بعض الشيء حيث الشعب في حرقةٍ بالغة ينتظر محاكمة مَن قتلوا شبابه وسلبوا بلاده وأدموا أفراده، مذاق به مرارة وغصة تخنق قلبه وروحه لسيرها البطيئ والمماطلة فيها، وحتى وإن تم إنجازها فلن تعيد مَن ذهبوا إلى السماء.
نكهة الشرعية التي تشبه نكهة الفانيليا عندما تضيفها للأطعمة لا تغيرها بل تضيف طعماً ثالثاً لها تزيدنا استمتاعاً في كل مرة، شرعية الشعوب التي استعادتها بعدما سُرقت منها منذ أكثر من 60 عاماً، تلك الحرة التي تقرر وتختار وتعزل وتُولي وتحدد مصير أمة.
وللعزة نكهة لا يُخطئها أحد تلك التي تمنحك العنفوان والطاقة ونشاط هائل تستعيضها بعد ذلٍ كسانا عقوداً نكسنا فيها رءوسنا خضوعاً، هذه النكهة تُنقّي دمك وتُقّوي جسدك..تمنحك صلابةً وانتصاباً لا تحني بعده رأسك .. أو تُخضع جسدك .. أو تكسر روحك.
ونكهة الإنتصار تحوذها بعد مجهودٍ مضنٍ، فهي فاكهة النكهات، يُسعدك تشممها .. تذوقها .. تَشبُّعها فيك، تُشبِعك سعادةً لا مثيل لها، فليس إحساسك فقط ما يتذوقها بل قلبك أيضاً، تمنحك بهجة تستمر كل العمر، لا طائل ممَن يحاول نزعها منك أو إبدالها لك أو سحقها فيك.
لم تتبقى من النكهات سوا أغلاها قدراً هي "حبٌ حقيقيٌ للوطن" لا يستشعر تذوق هذه النكهة مَن لا يفقه في الأوطان حباً، فتلك النكهة لا غناً عنها، بدونها لا تكتمل نكهات ثورتك، ولا تنجح إرداتك ولا تعلو هامتك ولا يرضى عنك إلهك، نكهة حب الوطن ليس في حلاوتها طعم منافس ولا في انسيابها داخلك سهولة مثيلة، ولا في خفتها على الروح وهدهداتها أي مقارن، لكنك لا يُفترض أن تعيش دونها وإن عشت تكون حياً ميتاً.

لم أتخيل حتى الآن
لم أتخيل يوماً –لا أزال أردد تلك العبارة في كل مَحفل وسأظل- أننا سنتذوق تلك النكهات .. أننا سنقوم بثورة دبرها الله وقدرها لكنا لم نعلم عنها شيئاً، دعونا الله..نعم، وعملنا كثيراً وسنيناً..بلى، لكننا لم نعلم أنه قريب..نصر الله لنا، ظننا أن الوقت لا يزال أمامنا رتيباً بارداً طويلاً وأننا لن نغير ما بنا حتى نغير ما بأنفسنا، لكن الله كان أعلم بأننا غيرنا ما بأنفسنا فوهبنا ثوراتنا واَرجع لنا نكهاتها التي نسينا.
أتذكر أنني دعوت الله كثيراً رمضان الماضي عام 2010 أن يصلح هذه الأمة وأن يجعل مصر تستعيد مكانتها القائدة بين الأمم، وأن نكون نحن شبابها وقود هذا التغيير ولا يأتي الشهر الكريم القادم إلا ونحن قد قمنا بذلك، بكيت كثيراً وقتها واليوم أبكي لأن الله حقق لنا حلمنا الذي انتظرنا.
شكراً إلهي..ثوراتنا مستمرة.
اشهد يازمن الأحرار
أُهدي لجميع الأحرار أغنية بندر محمد "اشهد يازمن الأحرار":
اشهد يادمنا المتأجح اشهد
عربيٌ ثار وهاهو يتجدد
اشهد يازمن الأحرار وأعلن
أنّا شعبٌ أبداً لا يُستعبد..اشهد
جلجل ياصوت الحرية فينا
واملأنا في عتم الليل يقيناً
يادمنا النازف عزاً وقلوبا
رفرف أعلاماً فوق روابينا
أقبل ياشعبي المغوار الثائر
لا تخشى ظلم الطغيان الجائر
بالقلب الباسل وبروح الثائر
الحق سلاحٌ في وجه الغادر
يازمن الأحرار .. اشهد

 

ليست هناك تعليقات: