أغسطس ١٩، ٢٠١١

وفعلها الشباب حقاً..

وفعلها الشباب حقاً..

نحن بالفعل الأمل الآتي..فدائي فدائي حتى النصر

هند محسن – الجزيرة توك – مصر
على الرغم من عدم تصديقنا البالغ أن نصل يوم الثلاثاء المليوني إلى 8 ملايين مصري متظاهر في كل أنحاء مصر ضد النظام البلطجي، إلا أننا وثقنا بأن يصل عددنا في جمعة الرحيل إلى أكثر من ذلك، وقد حدث فهناك العديد من الملايين في جميع المحافظات تنتفض من مكمنها هتافاً: "الشعب يريد إسقاط الرئيس"، "الشعب يريد إسقاط النظام".
وعلى الرغم من تواطؤ الإعلام المصري بكل وسائله مع النظام البلطجي في استمراره في حرب الشائعات والأكاذيب المستمرة مبدلاً التغطية الصادقة والحقيقية للحدث بهذه الوسائل الدنيئة القذرة!، غاضاً الطرف عن حقيقة الشباب الشريف المشارك في التظاهرات القوية الذي أثبت بكل عزة أن الشعب يمكنه أن يُغيّر..أن يحلّ السلطة..أن يصنع مجد الوطن مجدداً، والذي بدأ في صنعه بالفعل، إلا أن المتظاهرين مازالوا يتوافدون على ميدان الرمز من كل حدبٍ وصوب يذودون عن مصر.
لأول مرة في تاريخ الحركات الشبابية المصرية أن تثبت منذ سنوات أنها يد واحدة وشعار واحد، وحبٌ واحد "مصر"، كان الوطن هو مَن يجمع ويوحد، لأول مرة لم تكن هناك حسابات أو مصالح سياسية، لأول مرة لم تكن هناك النخبة العاجية، ولأول مرة يصنع الحدث شباب مصر.
التحالف
ماحدث منذ 25 يناير الماضي وحتى 4 فبراير الجاري من العام 2011، والذي لن تكفي جميع الحروف والكلمات أن تصفه في خبر أو تقرير أو مشهد هائل – نواة التغيير كما أحب أن أسميها- لم تكن تظاهرات بمعناها المعروف، بل وطنٌ يتحرك ويثور، أرضه تحتضن أقدامنا فلم نشعر بمشقة كل مانقطعه يومياً حتى ميدان التحرير، وسماؤه تظلل رؤسنا وأنفاسه تدفئنا فلم تكن الأجواء حارة أو باردة ولم تكن الشمس تلسع أو لفحات الهواء البارد تقسو رغم برودته، وصوته يعلن لنا: "أنتم الأمل والغضب، أنتم الحقيقة والحلم" فكل الحناجر موحدة تنطق مدوية: "الشعب يريد..إسقاط النظام"، كان الكل متعاطف ومتحالف معنا.
غمرتنا ريح الثورة
البعض ممَن شارك في بداية ثورتنا كانت هذه مَرتَّه الأولى التي يخرج فيها في تظاهرة، وكان الشعور يشوبه الهيبة وفَورة النشاط، والعيون كانت تلمع من سعادة التلاحم، الكل على قلب رجلٍ واحد، وثغور عدة، كنا ننظر ونعلم أن أول يوم هو إعلان بَدء الثورة، فقد شممنا ريحها يتطاير ويملأ الأنوف، كانت البداية وريحها سبقتها إلينا، ثم غمرتنا من رؤسنا وحتى إخمص قدمينا.
أسباب ومشاهد النجاح
هناك عدة أسباب لنجاح ثورتنا أهمها:
1. قيام الشباب وحده بكل فئاته وأطيافه بتبنيها دون تدخل من القيادات السياسية والنخبة.
2. التنظيم القوي والوحدة التي جمعت كل شباب الداعي والمشارك ورفع علم مصر فقط دون أعلام القوى والأحزاب السياسية الأخرى، كما توحدت الشعارات.
3. لم تكن هناك مصالح سياسية أو طلبٍ لزعامة أو كسب نقطة جديدة في حساب البعض السياسي
4. انضمام أفراد عديدة من الشعب ليست بالقليلة إلى المتظاهرين ونزولهم من بيوتهم وكسر حاجز خوفهم.
5. تعاطف أفراد من رجال الأمن المركزي مع المتظاهرين والتلويح لهم والتأكيد بإشارات بأصابعهم بأن ما تظاهرهم رائع وجيد قائلين بصوتٍ خافت: "إنتوا كده"، بل إن أحدهم برتبة نقيب انضم للمتظاهرين في إحدى تظاهرات أمس.
6. لم تفت قنابل الغاز المسيلة للدموع أو الرصاص الحي والمطاط أو خراطيم المياه أوحتى الإصابات التي أحدثها أمن النظام في المتظاهرين أو الحرائق وأعمال السلب والنهب، أو الهجمات البربرية الوحشية التي اسقطت أكثر من 300 شهيد وأكثر من 5000 جريح حتى الآن عضض الثوار، بل أكملوا طريقهم واستمروا في ثورتهم.
7. التظاهرات المستمرة والمليونية التي خرجت لم تكن لها قيادات كان الشباب هو المتحرك فيها والمتفاعل والمُوجِّه.
8. الأخوة واللُحمة التي جمعت كل الشباب بكل أطيافه وفكره ومعتقده، ومساعدتهم لبعضهم البعض، خاصة حمايتهم للبنات المشاركة في التظاهرات.
9. أن الشعب كان كله يؤرخ الحدث من خلال تصويره لتظاهرات الغضب عن طريق الموبايل أو كاميرات الفيديو، ثم انتقل من التأريخ بمعداته إلى التأريخ بمشاركته الفعلية في أرض الميدان.
10. وكان البيان الذي أصدرته اللجنة الشبابية بكل المطالب الشعبية والذي حمل رقم "الشعب يريد إسقاط النظام" هو كرة النار التي أججّت الهتاف والتصفيق الحار إيذاناً ببدء قيام الثورة واستمرارها حتى رحيل النظام البلطجي.
11. الروح المعنوية المرتفعة والمستمرة في الإرتفاع لدى شباب التحرير، وإيمانه بمقولة: "وما النصر إلا صبر ساعة" فماذا ستكون الساعة إلى جانب 30 عاماً من الذل.
مشهد أخير
في البداية الكل راهن أننا لن نكمل إلى آخر الليل، الكل راهن أننا لن نكمل للغد، الكل راهن أنها تظاهرة ساعة وستفشل كسابقاتها، لكننا أثبتنا للعالم أجمع وليس للنظام البلطجي أن شعبٌ ثائر سيأخذ حقوقه ولن يركع، فكنا الأمل الآتي للتغيير، وكان الكل في صدمة أن قد فعلها الشباب وحده.
إهداء
أُهدي لكم يا شباب الفخر والعزة أغنية لفنانة المقاومة جوليا بطرس بعنوان "الأمل الجاي":
نحنا الأمل الجاي نحنا حلم البكرة..
راح بنغير لحكاية راح نحكيها بكرة..
نحنا الغضب الجاي والحقيقة نحنا..
حلم البكرة واللي بعده نحنا الأمل الجاي..
يارفاقي ماتخافوا الليل راح يطلع فجر التغيير..
ريح الثورة ميل وميل عم تعصف بعد بكير..
الحق الضايع مهما غاب راح يرجع من بعد غياب..
الحقيقة بايدينا قناديل مضواية..
نحنا معنا هموم الشعب خوف الناس المنسيين..
راح نمشي سوا هالدرب مع كل الناس الجايين..
ليل العالم مهما طال مابيهدم أمل الأجيال..
بترجع للناس الحق بآخر لحكاية..
حلم البكرة واللي بعده نحنا الأمل الجاي
ملحوظة: تم نشر هذا التقرير في الجزيرة توك
 

ليست هناك تعليقات: