أغسطس ١٩، ٢٠١١

لا يخدعنّك سكون "غول" الأمن المصري !

لا يخدعنّك سكون "غول" الأمن المصري !

حتى لا ننسى جنون رجال الداخلية

هند محسن - الجزيرة توك - مصر
لا أحد منا ينكر أن استشهاد أكثر من 300 مصري وإصابة أكثر من 5000 جريح إصابات خطرة في ثورة يناير 2011 هو ثمنٌ لحرية الوطن لابد أن ندفعه جميعاً، كما لا أحد ينكر أن دماء شهدائنا غالية لابد أن نأخذ ثأرها من سافكيها ونسترجع حقها ولو بعد حين، تلك الدماء التي سالت وسط جنون الآلة الأمنية المصرية وهي تسحق مظاهرات سلمية، على الرغم من عِلم العالم أجمع أن خروجها آمن وسلمي!
احذروا أيها الثوار إنها مناورات لكن علينا أن نحذر الآن أشد الحذر منها عن ذي قبل، فلا نَركن لسكونها أونُخدع بمحاولتها عقد صلحٍ معنا، فالواعي يدرك أن عليه ألا يصافح حيةً مٌعتقداً أنها لن تلدغه وإن واتتها فرصةً، كما أن عليه ألا يستكين لسكونها ويعطيها ظهره لينام.
ما يفعله النظام المصري الآن –الذي لم يسقط بعد- مناورات ومراوغات عديدة، فعلى الجانب الأمني الذي نحن بصدد رصد بعض مناوراته يحاول أن يبني جسور ثقة تكسرت منذ 60 عاماً، ويدعي حبه للوطن وحرصه عليه وتأكيدات هنا وهناك بأن شباب الثورة لن يمسه أحد أو يتعرض لإعتقال ما وغيرها من التصريحات، وكأن الشاهد على واقع الأمور يستنبط أنها رسالات معكوسة تحمل في طياتها تهديداً ووعيداً بالتنكيل بكل مَن قوّض عرش الحاكم البلطجي.
هناك مراوغات الأمن على الصعيد الإعلامي، فعندما تخرج منى الشاذلي مقدمة برنامج العاشرة مساءاً في حلقة وائل غنيم وتُصرح على الهواء مباشرةً بمعلومتين الكل يعلمهما كوعي شعبي، بأن البرنامج تعرض لضغوط أمنية رهيبة لتشويه التظاهرات وتقليل عددهم، كما أن هناك أبناء بعض الشخصيات العليا في الدولة تشارك في التظاهرات، فهذا معناه أن الآلة الأمنية اتجهت لسياسة جديدة مع شعبها ألا وهي أن العهد الأمني القديم يتم تنظيفه بالشفافية والصراحة واستنكار ما آلت إليه الأوضاع في زمانه!
وعندما يخرج علينا الإعلام الحكومي وصحفه الغثة بخطابه الجديد، بأن التظاهرات مشروعة وأن مَن بميدان التحرير شرفاء يحبون الوطن بعد أن كانوا عملاء ضده، وأن يتم استضافة شباب من المعتصمين ومحاورتهم بهدوء ماكر في محاولة لإدعاء استيعابهم بعد مَثّل عمر سليمان بدهاءٍ شديد جلوسه والتحاور معهم، ثم حصر الثورة في مكانٍ بعينه وتوضيح عودة الحياة لطبيعتها!
لا تنخدعوا بالسكون يجب ألا نُخدع، فلقد اعتدنا والعالم أن تكون أرقام هؤلاء الشهداء والجرحى تُرصد في فلسطين الحبيبة –عذراً لتعّودنا ذلك سامحونا-، كما اعتدنا أن تكون حصيلة سنوية في حوادث مختلفة بمصر، إلا أن ما هالنا أن تحصد ثورتنا كل هذا العدد في 9 أيامٍ فقط، وبالرغم من أننا كنا نردد في كل اشتباكٍ "سلمية..سلمية"، إلا أن ذلك لم يشفع لدى الغول الأمني الذي يقبع الآن ساكناً، عندما أصابته هستيريا القمع، فصال وجال تقتيلاً لإخماد التظاهرات!!
ومع السكون الغريب والمريب لآلة القمع الأمنية في الوقت الحالي وبعد مُضي 16 يوماً للثورة، علينا ألا ننسى ماذا فعلت هذه الآلة الوحشية منذ يوم 25 يناير الماضي وحتى يوم 2 فبراير الجاري في المتظاهرين السلميين، علينا أن نتذكر كيف كانت تقصف بوحشية القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه والرصاص الحي والمطاط آلاف من الشعب خرجوا لا لشيئٍ إلا أن يقولوا كلمة حق عند سلطانٍ جائر مضى في الحكم 30 عاماً!
حتى لا ننسى حتى لا ننسى ماذا حدث في يوم جمعة الغضب 28 يناير الماضي، عندما جن جنون أمن وزارة الداخلية، الذي كان يقتل مع سبق الإصرار والترصد، وأصاب جرحى وحالات اختناق، لا يجب أن ننسى عندما كانت مصفحات الأمن المركزي تدهس المتظاهرين العُزّل، وقناصيهم يغتالون شرفاء الوطن، لا يجب أن ننسى عندما استخدموا معنا أسلحة محرمة دُولياً، لا يجب أن ننسى انسحاب الأمن دفعة واحدةً من شوارعنا في ذات الوقت اطلقوا سراح المسجونين جنائياً ليعيثوا في بلدنا خراباً وترويعاً.
وكيف ننسى أربعاء الغدر الذي تسبب فيه رجال الداخلية من ضباط مباحث وامن دولة في استشهاد أكثر من 10 وكان الجرحى 1500، ذلك الأربعاء الوحشي والدامي الذي أصاب الكل بالهلع فمَن بداخل الميدان خاف أن تموت الثورة، ومَن بخارجه خاف على ثوارها؟!! كيف نفتح صفحة جديدة مع جهاز أمني مغتصب، طالما سلبنا كرامتنا أو عزيز لدينا، وملآ شاشات الدنيا من دمانا؟!، كيف نفتح صفحة جديدة مع جهاز يدعي أنه ذو عهدٍ جديد، لم يحاكم مَن صنعوا جرائم الحرب قبله، صعد على كرسي سابقه الدموي وقد عصب عينيه حتى لا يرى جماجم قتلى يقبعون تحته، وصراخ ذويهم مازال في الخلفية يعلو؟!،
كيف ننسى مَن فقدنا؟ مَن قهرنا؟ لا لن ننسى..ولن نفتح صفحة جديدة فالقديمة لم تُطوى بعد.!
لا تصالح!
يقول الشاعر أمل دنقل:
لا تصالح على الدم..حتى بدم!
لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟
أقلب الغريب كقلب أخيك؟! أعيناه عينا أخيك؟!
وهل تتساوى يدٌ..سيفها كان لك بيدٍ سيفها أثكَلك؟
سيقولون: جئناك كي تحقن الدم.. جئناك. كن -يا أمير- الحكم
سيقولون: ها نحن أبناء عم.
قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمَن هلك
واغرس السيفَ في جبهة الصحراء إلى أن يُجيب العدم إنني كنت لك فارسًا، وأخًا، وأبًا، ومَلِك!

ملحوظة:تم نشر هذا التقرير على الجزيرة توك

ليست هناك تعليقات: