أغسطس ١٩، ٢٠١١

على نفسها جَنَتْ بَراقش !

على نفسها جَنَتْ بَراقش !

من واقع الخطاب الثالث لمبارك البلطجي

هند محسن - الجزيرة توك - مصر
"على نفسها جَنَتْ بَراقش" هذه هي النتيجة الفعلية للخطاب الثالث للحاكم المصري البلطجي.
فما صرح به مبارك كان هو الخطيئة بعينها، التي ستُطبِّق عليه هذا المَثَل الشعبي، ما فعله خطابه أججّ رفضاً هستيرياً لملايين الثوار بمختلف مدن مصر ومحافظاتها لا ولن يخمد حتى يسقط النظام الفاسد بأكمله.
كما أنه لن يصبر أكثر من ذلك، وبالفعل بدأ بالعصيان المدني حتى سقوط النظام. 
جاء خطاب هذا الحاكم البلطجي ليشعل جذوة نار الثورة من جديد كأنها في بدايتها، بعد أن أهدأها الثوار قليلاً ليروا ماذا سيقدم لهم مبارك في نهاية الأمر،إلا أنه جنى على نفسه بتصريحاته الأخيرة .
فلا سيطرة على جموع الشباب الغفيرة التي ستنطلق يوم جمعة الطوفان لتنفيذ مطالبها الشرعية بحزمٍ وحسم وسلمية.
حكاية "براقش"
فطبق عليه مَثل "على نفسها جنت براقش" ووضع نفسه مكان براقش التي لقت حتفها في نهاية الأمر لخطأٍ منها وقعت فيه بغباء، حيث يحكي هذا المثل أنه هناك كلبة مملوكة لقوم ببلاد المغرب تُدعى "براقش" تقوم بحراسة المنازل والحقل بصياحها ونباحها، ومطاردة الغرباء واللصوص.
 وذات ليلة مظلمة هجم أعداء على منازل أصحابها، فنبحت "براقش" نباحاً متواصلاً فأيقظت قومها وفروا إلى مغارة بالجبل القريب من قريتهم، وأنقذتهم، وعندما وصل الأعداء بحثوا عن أصحاب الحقل فلم يجدوهم فبدأوا بالعودة إلى أدراجهم، وهنا اطمان أصحاب الحقل وأمنوا شر أعداءهم، إلا أن "براقش" راحت تنبح فجأة وبصوتٍ عالٍ، وحاول أصحابها اسكاتها إلا انها لم تفهم وواصلت النباح، فما كان من الأعداء الا أن عرفوا مكانهم وقضوا عليهم جميعاً، وكان من نصيب "براقش" أيضاً ضربةً قاتلة، فكانت سبباً في مقتل أصحابها، وهكذا جنت على نفسها.
تناقض الخطاب !
خطاب مبارك تضمن متناقضات الكلمات -التي أقسم الثوار ألاّ يُمرِّروها له -، ففي الوقت الذي أعلن فيه تفويض عمر سليمان نائبه بسلطات الرئاسة طبقاً للدستور، سبق هذا التفويض بتأكيداته أنه لن يتهاون وسيحاسب، فكيف فوض ويمارس السلطة؟!
ومعنى ذلك أنه متمسك بالرئاسة حتى انتهاء فترته في شهر سبتمبر القادم، على صعيدٍ آخر أكد أنه لا يجد غضاضة في الإستماع لشباب بلاده وهو لا يسمع مطلبهم الرئيسي ، بل ويغض الطرف عن أعدادهم الهائلة التي تطالبه بالتنحي الفوري.
مبارك أعرب لأهالي شهداء الثورة عن ألمه الشديد ووجعه لما حدث لهم، فيقوم بتقديم العزاء لذويهم وهو قاتلهم بآلته القمعية!!، وبعد 15 يوم من استشهادهم، بل وبعد أن نبهناه في خطابه الثاني عندما لم يتطرق إليهم بإشارة! شمل خطابه أيضاً المزيد من الاستفزاز مع سبق الإصرار والترصد، فهو أكد أنه استجاب لمطالب الشباب، التي لم ينفذ منها أي مطلب!، مدعياً أنه عازم على الوفاء بتعهداته، على الرغم من أن الشعب يسمع ذلك منذ 30 عاماً!
كما كررّ أنه لم يسع لسلطة أو شعبية وأبرز دليل على ذلك أنه ظل 6 دوراتٍ رئاسية فقط!! مبارك غلّف خطابه بطابعٍ أبوي مُنفِّر، لن يقبله شباب الثورة بعدما حدث لهم على يديه ويدي نظامه، لن يقبله بعدما سقط منهم أكثر من 300 شهيد، و5500 جريح، لن يقبله كونه مزيفاً مصطنعاً!، كما شابته عاطفة مبتذلة ممزوجة فغثاء الإستجداء! ليعود خطاب الحاكم البلطجي في محاولة لبث الوعيد برفضه الشديد للرضوخ للإملاءات الأجنبية التي تأتيه من الخارج، وكأنه لم يتلقَ في حياته السياسية املاءات من أمريكا أو الكيان الصهيوني!
مبارك كررّ مرة أخرى بطولاته التي قام بها في حرب أكتوبر، في رثاءٍ غير مسبوق لذاته حيث قدم لمصر مالم يقدمه غيره، وتثبت الأدلة أنه لم يقدم لها سوى الخراب والفساد بكل أنواعه فانتكست وتراجع دورها في المنطقة بشدة، وذهبت خيراتها لأعدائها.
الأكثر استفزازاً في خطابه أنه لم يعترف بأخطائه ويطلب الغفران عنها من شعبه ولم يتقدم بنقدٍ لذاته التي يعتبرها في مصاف التأليه، بل غض الطرف عن ذلك، واسترسل فيما قدمه لمصر وأهلها وكيف خدمهم!!

ملحوظة: تم نشر هذا التقرير على الجزيرة توك


ليست هناك تعليقات: