أغسطس ١٩، ٢٠١١

مصر التي لم تنم فرحاً!


مصر التي لم تنم فرحاً!

انتصرنا..انتصرنا..انتصرنا من واقع خطاب التنحي

هند محسن - الجزيرة توك - مصر

ما حدث في الميدان فور إعلان بيان القوات المسلحة المصرية لتنحيّ الرئيس عن منصبه، وما حدث خارجه واستمر حتى اليوم التالي، كان كأنه الصورة ومكملتها، فالفرحة كلمة تضاءل حجمها أمام المشاعر التي انتابت الثوار، ولم يضج الميدان وأطرافه فقط بصياحات الهتاف والتغني في حب مصر، بل هبَّ مزلزلاً أركان المشهد والوجدان.

كانت الحرية هذه المرة ذات طعمٍ مختلف، على الرغم من أننا بدأنا نشعر بها منذ 25 يناير 2011، إلا أنها في 11 فبراير الجاري لها مذاق الشهد، وريح الورد، وعنفوان المحبة.

 حلم تحقّق بعد يومٍ من انهيار العشرات وهستيرية رفض الملايين للخطاب الثالث للرئيس المصري المخلوع، ففي بدء اليوم كانت حالة الرفض تجوب شوارع البلاد، وتعتصم عند قصر العروبة و"ماسبيرو"، واجتماعات قيادات الثورة الشبابية يُعدون فيها خطة الأسبوع الرابع لإخضاع النظام البلطجي، في إرادة مَن حُكم 30 عاماً، وعزيمة وإصرار الرافض لهذه الثلاثينية، فتبدلت أوضاع المرحلة عند الغروب، لتُعلن الدنيا أُفول فرعونٍ جديد لمصر، ليخرج هدير الثوار الراعد: "الشعب خلاص...أسقط النظام".

 كان الله وحده يعلم بذلك، أعدَّ لنا مُفاجأةً من ربٍ عظيم قدير لخير أجناد الأرض، فهتف الثوار: "الله وحده...أسقط النظام".طعم النصر يختلف بعض الشيء عن طعم الحرية، فالحرية كانت ممزوجة بطعمٍ مالح مر ذقنا فيه تضحية أكثر من 300 شهيد و5500 جريح، أما النصر فكل طعمه حلاوة ولذة، تذوقها حتى شهداء التحرير.

العزة والكرامة اللتان سلبهما النظام البلطجي منا عشرات السنين، كانتا الروح التي رُدت إلى جسد الشعب، فأكبر مطالبنا تم بإرادة الله لنا، فهتفنا من الميدان: "ارفع راسك فوق...إنت مصري".

أما "مصر" فكان لها النصيب الأكبر من الهتاف والغناء، كنا نهتف ونغني بانفعال الحبيب أمام معشوقته، وكان الواحد منا يرفع صوته إلى أعلى درجة لتسمعه مصر وتسمع حبه لها في صوته فصدح صوت الثوار: "تحيا مصر..تحيا مصر"، "يا أغلى اسم في الوجود يا مصر"، "يا حبيبتي يا مصر يا مصر يا حبيبتي يامصر". وخرج الشعب عن بكرة أبيه في شوارع مصر رغم حظر التجول يحتفل بأول بشائر النصر فتركه الجيش يفعل واحتفل معه بالخلاص، فلم تصمت أبواق السيارات، ولم ينزعج المواطنين لأول مرة، الكل يحمل علم مصر في قلبه قبل يديه، وفي عقله قبل رأسه، الكل يهتف ويتغني باسمها، ويشكر الله عزوجل الذي نصر عباده وصدقهم وعده، وتدفقت أعداد هائلة على ميدان التحرير لبدء الاحتفال حتى ساعات اليوم الثاني، الكل يبتسم .. يضحك .. يفرح .. ويُهنئ الآخر.

"مصر" لكِ كل الحق أن تفرحي اليوم..لكِ كل الحق أن تفخري بأبنائك..الثوار.

ليست هناك تعليقات: