أغسطس ١٩، ٢٠١١

عم "حلمي":الشيخ الذي أيقظ حيّه

عم "حلمي":الشيخ الذي أيقظ حيّه

تمنيات ثورية

تأملتُ في صوته العديد من اللحظات حين استرعى انتباهي، ورسمت في مخيلتي صورته وأنا أتدثر ظلام غرفتي، رجلٌ سبعينيّ، جلباب فضفاض يستر جسده وعمامة تتوج هامته، وقد حفرت التجاعيد خارطة الصعيد بتفصيلاته في كل شبرٍ من وجهه ورقبته وصوته، لم أعرف اسمه!

لم يحالفني حظي كثيراً أن أراه، أو أرقب وصوله شارعنا حتى من نافذة غرفتي، فإما مرّ سريعاً ولم ألحقه، أو كانت شوارع حيّنا القاهري مفعمة بالظلمة كأغلب وقتها، أو أني تكاسلتُ لكتابٍ بيدي أو فعلٍ أقوم به، لكنه في كل مرة يصيبني صوته بالدهشة والإرتباك، فشيخٌ كبير مثله يستيقظ كل يوم قرابة صلاة الفجر، يأتي من بيته البعيد البعيد، أسمع انبعاثات صوته يردد ذات النداء يأتي من العدم، يمر بجميع الشوارع التي تصادفه، والتي باتت تعرف خطواته، يسبقها صوته الداعي، ومروراً بشارعنا ثم يعبره للشوارع الأخرى إلى المسجد البعيد حيث يصلي، لماذا يتكبد عناء النداء؟ الكل نيام لا أحد يُلبيّ اللهم إلا القلة من رجالات حيّناً، لربما أملٌ في أن تستيقظ أمة أو أن يتغير حال أو فعل يكون معذرةً إلى الله.
سنحت لي فرصة بقدر الله تعالى أن أراه وهو يصدح ويكرر: "الصلاة خير من النوم".."إصح يا نايموقفتُ في النافذة أنتظره حتى لاح من بعيد، شيخٌ سبعينيّ، جلباب فضفاض يستر جسده وعمامة تتوج هامته، وقد حفرت التجاعيد خارطة الصعيد بتفصيلاته في كل شبرٍ من وجهه ورقبته وصوته، وسمعتُ مَن يناديه:"عم حلمي.. إستنى هاجي أصلّي معاك".
بعد ثورة 25 يناير المباركة أستمتع أكثر حين أسمع صوته ذو اللكنة الصعيدية ينادي، وأشاهد الكثير من شباب الحي ورجاله يذهبون إلى صلاة الفجر في المساجد –ومنهم مَن يستيقظ ليصليها في بيته الكائن في أحد الشوارع التي يمر بها عم حلمي لكنه في النهاية استيقظ ولبىّ- أرى أنه حقق هدفه وإن لم يكتمل، غيّر في الناس وأعذر إلى الله وأيقظ حيه إلى الصلاة.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل إذا قضى عم حلمي، سنجد شباباً يقومون بفعله أم لا؟
تمنيات ثورية..


ليست هناك تعليقات: